كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال النووي: يمكن أن يكونوا أمروا به صريحا فاختلفوا، هل يلزم تعيينه أم يسوغ إبداله بيوم آخر، فاجتهدوا في ذلك فأخطئوا، وقد روى ابن أبي حاتم عن السدّي، في قوله تعالى: {إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ} [16: 124]، قال: إن الله فرض على اليهود يوم الجمعة فأبوا وقالوا: يا موسى إن الله لم يخلق يوم السبت شيئا فاجعله لنا، فجعله عليهم.
قوله صلى الله عليه وسلّم: «اليهود غدا والنصارى بعد غد»، قال القرطبي «غدا» منصوب على الظروف، وهو متعلق بمحذوف تقديره: اليهود يعظمون غدا وكذا بعد غد ولابد من هذا التقدير لأن ظرف الزمان لا يكون خبرا عن الجثة، وقدر ابن مالك تقييد اليهود غدا. حاشية الحافظ السيوطي على سنن النسائي: [3/ 95- 96]، كتاب الجمعة، باب إيجاب الجمعة، حديث رقم [1366].
وقال الإمام السندي: قوله صلى الله عليه وسلّم: «نحن الآخرون السابقون»، أي الآخرون زمانا في الدنيا، الأولون منزلة وكرامة يوم القيامة، والمراد أن هذه الأمة وإن تأخر وجودها في الدنيا عن الأمم الماضية، فهي سابقة إياهم في الآخرة، بأنهم أول من يحشر، وأول من يحاسب، وأول من يقضى بينهم، وأول من يدخل الجنة.
وقيل: المراد بالسبق إحراز فضيلة اليوم السابق بالفضل، وهو يوم الجمعة، وقيل: المراد بالسبق إلى القبول والطاعة التي حرمها أهل الكتاب فقالوا: {سَمِعْنا وَعَصَيْنا} [2: 93].
قوله صلى الله عليه وسلّم: «أوتوا الكتاب»، اللام للجنس، فيحمل بالنسبة إليهم على كتابهم، وبالنسبة إلينا السابق يوم القيامة لأنه أول مكتوب في النبوة، ففي هذا الخبر الفضيلة العظيمة لرسول الله صلى الله عليه وسلّم، لما أوجب الله تعالى له النبوة قبل تمام خلق آدم الّذي هو أبو البشر، ويحتمل أن يكون هذا الإيجاب هو ما أعلم الله ملائكته ما سبق في علمه وقضائه من بعثته صلى الله عليه وسلّم في آخر الزمان، فمن حاز هذه الفضيلة حق له الصبر على مواصلة الدعوة واحتمال الأذية ممن ردها، وإعظام من قبلها، واستفراغ الوسع في احتمال كل عارض وشدة وبلوى تعرض دون إقامتها، إذ الفضيلة سابقة على فضائل من تقدمه من الأنبياء في العهد والخلق الأول.
وقال بعض العارفين باللَّه: لما خلق الله الأرواح المدبرة للأجسام عند حركة الفلك أول ما خلق الزمان بحركته، كان أول ما خلق روح محمد صلى الله عليه وسلّم، ثم صدرت الأرواح الفلكية عن الحركات الفلكية، فكان لها وجود في عالم الغيب دون عالم الشهادة، وأعلمه الله بنبوته، وآدم لم يكن إلا كما قال بين الماء والطين، فاقتضى قوله: «كنت نبيا وآدم بين الماء والطين» أن يكون وجوده حقيقة، فإنه لا يكون العدم بين أمرين موجودين لانحصاره، والمعدوم لا يوصف بالحصر في شيء، ثم انتهى الزمان في حقه عليه السلام إلى وجود جسمه وارتباط الروح به، فظهر محمد صلى الله عليه وسلّم بكليته جسما وروحا، فكان له الحكم أولا باطنا في جميع ما ظهر من الشرائع على أيدي الأنبياء والرسل عليهم السلام، ثم صار له الحكم ظاهرا فنسخ كل شرع وإن كان المشرع واحدا، وهو صاحب الشرع، فإنه قال: «كنت نبيا...» على كتابنا، وهذا بيان زيادة شرف لنا، أي فصار كتابنا ناسخا لكتابهم، وشريعتنا ناسخة لشريعتهم، وللناسخ فضل على المنسوخ، فهو من باب تأكيد المدح بما يشبه الذم.
أو المراد بيان أن هذا يرجع إلى مجرد تقدمهم علينا في الوجود، وتأخرنا عنه فيه، ولا شرف لهم فيه، أو هو شرف لنا أيضا من حيث قلة انتظارنا أمواتا في البرزخ، ومن حيث حيازة المتأخر علوم المتقدم دون العكس، فقولهم الفضل للتقدم ليس بكلي. قوله صلى الله عليه وسلّم: «وهذا اليوم»، الظاهر أنه أوجب عليهم يوما بعينه والعبادة فيه، فاختاروا لأنفسهم أن يبدل الله لهم يوم السبت، فأجيبوا إلى ذلك، وليس بمستبعد من قوم قالوا لنبيهم: اجْعَلْ لَنا إِلهًا 7: 138.
قوله صلى الله عليه وسلّم: «فهدانا الله»، بالثبات عليه حين شرع لنا العبادة فيه، «اليهود غدا» أي يعبدون الله في يوم الجمعة. فأخذ المصنف قوله: «كتب الله»، الوجوب، والظاهر أن الحكم بالنظر إلى واحد، فحيث إن ذلك الحكم هو الوجوب بالنسبة إلى قوم تعين أنه الوجوب بالنظر إلى الآخرين، والله تعالى أعلم المرجع السابق.
ما قال: كنت إنسانا، ولا كنت موجودا، وليست النبوة إلا بالشرع المقرر من عند الله، فأخبر أنه صاحب النبوة قبل وجود الأنبياء في الدنيا كما تقرر فيما تقدم، فكانت استدارته إليها دورته بالاسم الباطن، وابتداء دورة أخرى بالاسم الظاهر، فقال صلى الله عليه وسلّم: «إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض».
ذكره البخاري في مواضع متفرقة من صحيحه يتمم بعضها بعضا، لكن أخرجه مسلم بتمامه في كتاب القسامة باب [9] تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال، حديث رقم [29]: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ويحى بن حبيب الحارثي وتقاربا في اللفظ قالا: حدثنا عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن ابن أبي بكرة، عن أبي بكرة، عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب شهر مضر، الّذي بين جمادى وشعبان، ثم قال: أي شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليس ذا الحجة، قلنا: بلى، قال: فأي بلد هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال:
أليس البلدة؟ قلنا: بلى، قال: فأي يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليس يوم النحر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال فإن دماءكم وأموالكم قال محمد: وأحسبه قال: وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، فلا ترجعن بعدي كفارا- أو ضلالا- يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا ليبلغ الشاهد الغائب، فلعل بعض من يبلغه يكون أوعى له من بعض من سمعه، ثم قال: ألا هل بلغت»
؟ قال ابن حبيب في روايته: «ورجب مضر» وفي رواية أبي بكر: «فلا ترجعوا بعدي». قوله صلى الله عليه وسلّم: «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم، ثلاث متواليات ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب شهر مضر، الّذي بين جمادى وشعبان»، أما ذو القعدة، فبفتح القاف، وذو الحجة بكسر الحاء، هذه اللغة المشهورة، ويجوز في لغة قليلة كسر القاف وفتح الحاء، وقد أجمع المسلمون على أن الأشهر الحرم الأربعة هي هذه المذكورة في الحديث، ولكن اختلفوا في الأدب المستحب في كيفية عدّها، فقالت طائفة من أهل الكوفة وأهل الأدب، يقال: المحرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة، ليكون الأربعة من سنة واحدة، وقال علماء المدينة والبصرة، وجماهير العلماء، هي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، ثلاثة سرد، وواحد فرد، وهذا هو الصحيح الّذي جاءت به الأحاديث الصحيحة، منها هذا الحديث الّذي نحن فيه، وعلى هذا الاستعمال أطبق الناس من الطوائف كلها.
وأما قوله صلى الله عليه وسلّم: «ورجب شهر مضر الّذي بين جمادى وشعبان»، وإنما قيّده هذا التقييد مبالغة في إيضاحه، وإزالة للبس عنه، قالوا: وقد كان بين بني مضر وبين ربيعة اختلاف في رجب، فكانت مضر تجعل رجبا هذا الشهر المعروف الآن، وهو الّذي بين جمادى وشعبان، وكانت ربيعة تجعله رمضان، فلهذا أضافه النبي صلى الله عليه وسلّم إلى مضر.
وقيل: لأنهم كانوا يعظمونه أكثر من غيرهم، وقيل: إن العرب كانت تسمي رجبا وشعبان الرجبين، وقيل كانت تسمى جمادى ورجبا جمادين، وتسمى شعبان رجبا.
وأما قوله صلى الله عليه وسلّم: «إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض»، فقال العلماء: معناه أنهم في الجاهلية يتمسكون بملة إبراهيم صلى الله عليه وسلّم في تحريم الأشهر الحرم، وكان يشق عليهم تأخير القتال ثلاثة أشهر متواليات، فكانوا إذا احتاجوا إلى قتال أخروا تحريم المحرم إلى الشهر الّذي بعده، وهو صفر، ثم يؤخرونه في السنة الأخرى إلى شهر آخر، وهكذا يفعلون في سنة بعد سنة، حتى اختلط عليهم الأمر، وصادفت حجة النبي صلى الله عليه وسلّم تحريمهم، وقد تطابق الشرع، وكانوا في تلك السنة قد حرّموا ذا الحجة لموافقة الحساب الّذي ذكرناه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلّم أن الاستدارة قد صادفت ما حكم الله تعالى به يوم خلق السموات والأرض.
وقال أبو عبيد: كانوا ينسئون أي يؤخرون، وهو الّذي قال الله تعالى فيه: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ في الْكُفْرِ 9: 37، فربما احتاجوا إلى الحرب في المحرم، فيؤخرون تحريمه إلى صفر، ثم يؤخرون صفر في سنة أخرى، فصادف تلك السنة رجوع المحرم إلى موضعه.
قوله: «ثم قال: أي شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليس ذا الحجة؟ قلنا: بلى، قال: فأي بلد هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم.. إلى آخره»، هذا السؤال، والسكوت، والتفسير، أراد به التفخيم، والتقرير، والتنبيه على عظم مرتبه هذا الشهر، والبلد، واليوم، وقولهم: «الله ورسوله أعلم»، هذا من حسن أدبهم، وأنهم علموا أنه صلى الله عليه وسلّم لا يخفى عليه ما يعرفونه من الجواب، فعرفوا أنه ليس المراد مطلق الإخبار بما يعرفون.
قوله صلى الله عليه وسلّم: «فإن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا». المراد بهذا كله بيان توكيد غليظ تحريم الأموال والدماء، والأعراض، والتحذير من ذلك.
قوله صلى الله عليه وسلّم: «لا ترجعوا بعدي كفّارا يضرب بعضكم رقاب بعض»، قيل في معناه سبعة أقوال:
[1]. أن ذلك كفر في حق المستحل بغير حق.
[2]. المراد كفر النعمة، وحق الإسلام.
[3]. أنه يقرب من الكفر، ويؤدي إليه.
[4]. أنه فعل كفعل الكفار.
[5]. المراد حقيقة الكفر، ومعناه: لا تكفروا، ودوموا مسلمين.
[6]. حكاه الخطابي وغيره، أن المراد بالكفار: المتكفرون بالسلاح، يقال: تكفّر الرجل بسلاحه إذا لبسه. قال الأزهري في كتاب تهذيب اللغة: يقال للابس السلاح كافر.
[7]. قال القاضي عياض رحمه الله: ثم إن الرواية «يضرب» برفع الباء، هكذا هو الصواب، وكذا رواه المتقدمون والمتأخرون، وبه يصح المقصود هنا.
ونقل القاضي عياض رحمه الله، أن بعض العلماء ضبطه بإسكان الباء. قال القاضي: وهو إحالة للمعنى، والصواب الضم، قال الإمام النووي: وكذا قال أبو البقاء العكبريّ: إنه يجوز جزم الباء على تقدير شرط مضمر، أي إن ترجعوا يضرب، والله تعالى أعلم.
يعني في نسبة الحكم لنا ظاهرا كما كان في الدورة الأولى منسوبا إلينا باطنا، وإن كان في الظاهر منسوبا لمن نسب إليه من الأنبياء، ولما كانت العرب تنسئ في الشهور فترى المحرّم منها حلالا والحلال منها محرّما، جاء محمد رسول الله صلى الله عليه وسلّم برد الزمان إلى أصله الّذي حكم إليه به عند خالقه، فبين الحرم من الشهور على حد ما خلقها الله وأما قوله صلى الله عليه وسلّم: «لا ترجعوا بعدي كفارا»، فقال القاضي: قال الصبري: معناه بعد فراقي من موقفي هذا، وكان هذا يوم النحر بمنى في حجة الوداع، أو يكون بعدي أي خلافي، أي لا تخلفوني في أنفسكم بغير الّذي أمرتكم به، أو يكون تحقق صلى الله عليه وسلّم أن هذا لا يكون في حياته، فنهاهم عنه بعد مماته.
قوله صلى الله عليه وسلّم: «ليبلغ الشاهد منكم الغائب»، فيه وجوب تبليغ العلم، وهو فرض كفاية، فيجب تبليغه بحيث ينتشر.
قوله صلى الله عليه وسلّم: «فلعل بعض من يبلغه يكون أوعى له من بعض من سمعه»، احتج به العلماء لجواز رواية الفضلاء وغيرهم من الشيوخ الذين لا علم لهم عندهم ولا فقه، إذا ضبط ما يحدث به. مسلم بشرح النووي: [2/ 415 – 416]، كتاب الإيمان، باب [29] بيان معنى قول النبي صلى الله عليه وسلّم: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض»، حديث رقم [118]، المرجع السابق: [11/ 180]، كتاب القسامة، باب [9]. تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال، حديث رقم [29].
النسيء: يقال نسأه وأنسأه، إذا أخّره، حكاه الكسائي. قال تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ في الْكُفْرِ يُضَلُّ به الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عامًا لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ الله فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ الله زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ وَالله لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ} [9: 37].
قال الجوهري وأبو حاتم: النسيء فعيل بمعنى مفعول، من نسأت الشيء فهو منسوء إذا أخّرته، ثم حوّل إلى نسيء، كما حوّل مقتول إلى قتيل، ورجل ناسئ، وقوم نسأة، مثل فاسق وفسقة.
وقيل: النسيء مصدر من أنسأ، كالنذير من أنذر، والنكير من أنكر، وهو ظاهر قول الزمخشريّ لأنه قال: النسيء تأخير حرمة الشهر إلى شهر آخر.
وقال الطبريّ: النسيء بالهمز معناه الزيادة. قال أبو حيان: فإذا قلت: أنسأ الله أجله بمعنى أخّر، لزم من ذلك الزيادة في الأجل، فليس النسيء مرادفا للزيادة، بل قد يكون منفردا عنها في بعض المواضع، وإذا كان النسيء مصدرا كان الإخبار عنه بمصدر واضحا، وإذا كان بمعنى مفعول فلابد من إضمار إما في النسيء أي: إن نسأ النسيء، أو في زيادة، أي: ذو زيادة، وبتقدير هذا الإضمار يرد على ما يرد على قوله، ولا يجوز أن يكون فعيلا بمعنى مفعول، لأنه يكون المعنى: إنما المؤخر زيادة، والمؤخر الشهر، ولا يكون الشهر زيادة في الكفر.
وأخبر أن النسيء زيادة في الكفر، أي جاءت مع كفرهم باللَّه، لأن الكافر إذا أحدث معصية ازداد كفرا. قال تعالى: {فَزادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} 9: 125 [التوبة: 125]، كما أن المؤمن إذا أحدث طاعة ازداد إيمانا. قال تعالى: {فَزادَتْهُمْ إِيمانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} 9: 124 [التوبة: 124]، وأعاد الضمير في به على النسيء، لا على لفظ زيادة.
عليه، فلهذا قال: «إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السموات والأرض»، كذلك استدار الزمان فأظهر محمدا صلى الله عليه وسلّم جسما وروحا، فنسخ من شرعه المتقدم ما أراد أن ينسخ منه، وأبقى ما أراد الله أن يبقى عليه، وذلك النّسخ في الأحكام لا في الأصول، ولما كان ظهوره صلى الله عليه وسلّم بالميزان، وهو العدل في الكون وهو معتدل حار رطب كان زمان ملته متصلا بالآخرة، وكان العلم في أمته أكثر مما كان.